0 معجب 0 شخص غير معجب
في تصنيف عام بواسطة (533ألف نقاط)

تنبأ المنجمون أن فتح عمورية في هذا الوقت فيه خطر على الخليفة وجيشه، فبدأ الشاعر قصيدته بالرد على تلك المزاعم فقال: إن أنباء السيف أصدق من أنباء كتب المنجمين، وإن العزم والقوة هما اللذان يحددان نتائج المعارك بإذن الله، وحد السيف هو الحد الفاصل بين الحقيقة والخرافة، وبياض السيوف خير من سواد أوراقهم تلك، ففي السيوف تتضح الحقائق وتزول الشكوك والعلم الحقيقي ليس في الشهب السبعة التي في السماء، ولكنه في شهب الرماح تلمع بأيدي المجاهدين في ساحة الحرب، ها هو النصر قد تحقق، فأين روايتهم؟ وأين النجوم والأكاذيب المنمقة؟ ثم يبدأ الشاعر في وصف النصر والمعركة، فيقول: إنه فتح أكبر من أن تصفه القصائد المنظومة والخطب البليغة، فتح احتفلت به السماء والأرض، ففتحت السماء أبوابها وظهرت الأرض في أزهى ثيابها وزينتها، وقد عادت أماني العرب والمسلمين من عمورية وقد امتلأت بحلاوة النصر والظفر.

شرح الدرس الثاني نص فتح الفتوح والأفكار التي اشتمل عليها النص

ويتوجه بخطابه إلى الخليفة فيقول: لقد تركت يا أمير المؤمنين في تلك المدينة المنيعة يوماً للنار تذل صخرها وخشبها وكل ما فيها ، وغادرتها وليلها ضحى أو صبحاً من لهب، حتى ليخيل للرائي أن الليل قد عاف ثوبه الأسود، أو أن الشمس لم تغب، لقد امتزجت الظلمة والضوء والدخان في مشهد عجيب، فهنالك ضوء من النار في ظلمة مخيمة، وهنالك ظلمة من الدخان في ضوء شاحب، فالشمس مشرقة رغم غروبها، بل هي غاربة وغير غاربة في آن واحد.

شرح الدرس الثاني نص فتح الفتوح والأفكار التي اشتمل عليها النص

سلك الشاعر طريقا غير الطريقة التقليدية، فيبدأ قصيدته بالحكمة ليثبت بالدليل العقلي أن القوة - المادية والروحية - هي التي تصنع الانتصارات بإذن الله، وليس مراعاة النجوم والأوهام يحشد الشاعر أدواته الفنية منذ البيت الأول، فالسيف يتحدث عن أصدق الأنباء في قوله: ( السيف أصدق أنباء ) وهي استعارة مكنية تمجد السيف والقوة، وفي قوله: ( شهب الأرماح تشبيه، أضاف المشبه به ( شهب ) إلى المشبه ( الأرماح ) ليعبر عن إعجابه بالرماح والبطولة، ويسخر من ادعاءات المنجمين وشهبهم التي تمدهم بالعلم الغيبي كما يزعمون، وقد زين أبياته بالجناس والطباق، فالجناس في قوله: ( في حده الحد - الصفائح - الصحائف ( والطباق بين ( الجد - اللعب ) و ( بيض - سود )، وهذه المحسنات تقوي المعنى وتبرز التناقض الذي يريد الشاعر إبرازه بين منطق العقل وباطل الخرافة، بالإضافة إلى ما تضفيه من تأثير موسيقي. والشاعر يستند إلى برهان ساطع بصدق ما يقول، وهو النصر العظيم، لذلك جاءت الأساليب في الأبيات الثلاثة الأولى خبرية في جمل اسمية تفيد الثبات، ثم ينتقل من الخبر إلى الإنشاء في البيت الرابع ليسوق ذلك الاستفهام الذي ينضح بالسخرية ( أين الرواية (؟) وأكد ذلك باستفهام ثان أشد سخرية والذع تهكماً و أين النجوم ؟، وينميه إمعاناً في الاستهزاء ، وما صاغوه من زخرف ومن كذب، وينتقل الشاعر - من البيت الخامس إلى وصف الانتصار، ومدح الخليفة وتصوير حريق عمورية، فيسمي ذلك، فتح الفتوح، تعظيماً له، ويكني عن تلك العظمة بقوله : ( تعالى أن يحيط به نظم من الشعر أو نثر من الخطب » ويحمل البيت السادس لمسات فنية رائعة، ففي قوله : و فتح تفتح أبواب السماء له كناية عن فرحة السماء، وفي ذلك إيحاء برضا الله وتأييده للخليفة وجيشه، وفي قوله: ( وتبرز الأرض في أثوابها القشب ) كناية أيضاً عن ابتهاج الأرض بمن فيها وما عليها، إنه احتفال كوني بالنصر، صوره الشاعر في هذين البيتين بأسلوب خبري على اعتزازه بذلك الفتح، وفي غمرة هذا الاعتزاز ينتقل إلى الإنشاء، فينادي يوم النصر في بداية البيت السابع : يايوم وقعة عمورية ، وهو نداء يراد به التعظيم والفخر، ثم تأتي الاستعارة المكنية في قوله : ( انصرفت عنك المنى حفلا معسولة الحلب»، فقد جعل المني نوقاً تمتلئ ضروعها باللبن المعسول، وهي صورة تشير إلى تحقيق الأماني وزيادة، كما توحي بأن عهد الخليفة المعتصم عهد خصب وخير . وفي البيت الثامن ينادي أمير المؤمنين ( بغير أداة نداء لأن الخليفة قد أصبح قريباً من النفس يملأ القلب، ليصور لنا الخليفة وقد ترك النار تذل الصخر والخشب.

وهي استعارة مكنية توضح قدرة الخليفة وسلطانه وسطوته، ويشبه الليل بالضحى تشبيهاً بليغا في البيت التاسع، غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى، وكذلك شبه اللهب بالصبح في قوله : ( صبح من اللهب ، وبهذين التشبيهين صور لنا قوة النيران وضخامتها. ويتخيل لليل جلابيب سوداء في البيت العاشر، وجلابيب الليل هذه ترغب عن لونها فتستبدله، وفي هذا استعارة مكنية، وتشخيص للدجي حيث أسند فعل الرغبة إليه، ثم تشبيه للحريق بضوء الشمس.

وهكذا يورد في الأبيات الأربعة الأخيرة معنيين متقابلين هما النار والظلمة ويحشد كل ألوانه الفنية من طباق وجناس ومقابلة معنوية ويمزجها مزجاً، ليصور ألوان الحريق وهي تمتزج بالظلمة الطبيعية، واللونان الأساسيان هما السواد والحمرة وما يتركب من امتزاجهما، فالفكرة الأساسية هي فكرة المقابلة والتضاد بين الألوان، واللوحة المرسومة لم تعد أرضية بل امتدت لتشمل الأرض والسماء وما بينهما . والمحسنات البديعية في الأبيات لم تعترض سير المعاني، بل زادتها بهاء وسحرا، من مثل المقابلة ( نظم - نثر ) والطباق مثل ( الليل - الصبح ) ( الضوء - الظلماء ) ، والجناس : ( الأبواب - الأثواب ) ، وغير ذلك . ومن هذا النص تتضح لنا براعة أبي تمام في اختياره للألفاظ، وقدرته على التصوير، وعمق المعاني، والاعتناء بالمحسنات.

أسئلة وتدريبات

1- كيف اكتسب أبو تمام ثقافته الواسعة؟

2- ما اسم الكتاب الذي اشتهر أبو تمام بتأليفه؟

3- اذكر حادثة تدلل بها على أن أبا تمام كان حاضر البديهة؟

4- يرتبط النص بحدث تاريخي. فما ذلك الحدث؟

5- ما الأفكار التي اشتمل عليها النص؟

6- ما المراد من الاستفهام في البيت الرابع؟

7- بعد مدح أبي تمام وثيقة تاريخية . وضح ذلك من خلال دراسة النص. قرأ بعضهم كلمة ( أنباء ) في البيت الأول بكسر الهمزة ، هكذا : ( السيف أصدق إنباء ) ، فما أثر ذلك في المعنى؟

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (533ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
شرح الدرس الثاني نص فتح الفتوح والأفكار التي اشتمل عليها النص

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
0 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
3 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
2 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
0 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
...